الفصل الثاني

من كتاب المواضيع الاجتماعية

للكاتب عبد الله خمّار

 

مقتطفات من المواضيع الاجتماعية

تمرين أ : هذه بعض النصوص الاجتماعية المقتطفة من روايات جزائرية وعربية وعالمية، يعرضها الروائيون بأساليب متنوعة، فيروي أحداثها بعضهم بنفسه أو على لسان أحد أبطاله، بطريقة السرد المباشر، أو يمزجها بالحوار، أو " مناجاة النفس" و"استعادة الذكريات" وبيْن هذه المقتطفات نص مسرحي واحد لشكسبير، يطلب من القارئ قراءتها بإمعان ثم الإجابة عن أسئلتها.

1-  الغاية لا تبرّر الوسيلة ( محمد ديب):

كانت " عيني" تريد السفر إلى المغرب لتحضر بعض البضائع المهربة وتبيعها. وأعطتها بعض النسوة مالا لتشتري به أغراضا لهن. ومن هؤلاء النسوة امرأتان طلبتا منها أثوابا لتجهيز بناتها للعرس. وقد منع السفر إلى المغرب بسبب الحرب، فصرفت "عيني" الأموال لتطعم أولادها. وجاءت النسوة يطالبن بأموالهن، ومن بينهن هاتان المرأتان اللتان وبختا "عيني" في ذلك الصباح واتهمتاها بالسرقة. وأثار قول "عمر" لأمه: "ينبغي على المرء أن لا يسرق" دهشة "لالا حسنة" التي زارتها في المساء.

ورفعت لالا ذقنها إلى فوق. إن هيئتها تعكس ما تحمله من احتقار كبير للنظريات السخيفة التي يدلي بها "عمر" ونطقت بحكمها في جد ووقار قائلة:

-       "ستكون نهاية هذا الصبي نهاية سيئة، سوف يتسول طوال حياته".

كانت أحكامها كأحكام القدر، لا تدع مجالا لاستشفاف آمال فرحة في يوم من الأيام. وأحس عمر بمدى ما تولده حقائق لالا في النفس من حزن ممض. كانت  لالا تقول لهم:

-                   إن " عنتيل" قد نهب وسرق، ولكنه جمع ثروة".

وكان شعورها المخلص هو أن هذه النتيجة تمحو ما كانت تشتمل عليه الوسائل من إزعاج، وأضافت تقول:

-                   والآن لم يبق على عنتيل إلا أن يفعل الخير، وأن يتصدق على الفقراء وأن يحج إلى مكة فبذلك يكفل لنفسه الجنة.

إذا لابد للمرء حتى يمارس الفضيلة ممارسة مجدية من أن يبني في أول الأمر ثروة. كلام واضح.

***

 " وقالت له في مرة أخرى في صراخ قوي:

-                   " كيف تراك تدبر أمورك في هذه الحياة، أنت يا من لا تريد أن تسرق؟ قل لي: ما عساك تفعل؟  إن على المرء أن يعرف كيف يختطف خبزه من فم الكلب حين ينبح الكلب".

أخذوا يتبنون نظراتها أخيرا، دون أن يعرفوا كيف حدث هذا، أصبحوا يتابعونها دون أن يكون لهم حيلة في دفع ذلك عن أنفسهم. لاحظ "عمر" أنه قد استبدت به أراء ما كان يتمنى في حياته أن تكون آراءه. ود "عمر" لو يومئ إلى خالته أن تسكت! ولكنه لم يأمل كثيرا أن تحفل خالته بإيمائه.

ليست هذه أول مرة يلاحظ فيها "عمر" من حوله فكرة اختراق القوانين عن وعي وعمد. وكان عمر يحس دائما أن كل إنسان يستطيع بالذكاء والحذق والحماسة أن يصل إلى جميع المراكز التي يطمح إليها ويحرص عليها، فكان لا يستطيع أن يتصور أن على الإنسان أن يسرق، وأن يخدع الناس، وأن يستغل الآخرين من أجل تحقيق غاياته...

 قال في نفسه: "حتى الجوع لن يدفعني إلى استلاب ما ليس لي".

كان يكفيه أن يتصور ضرورة السرقة حتى يشمئز. صحيح أنه لم يصل إلى معنى الشرف والأمانة بتفكير مقصود، لكنه لم يخطر بباله في يوم من الأيام أن يسلك سلوكا غير شريف. الخير والشرف عنده صنوان، وكان يعرف مع ذلك أن كثيرا من الناس يسرقون، وأن الذين يسرقون ليسوا أقل الناس شأنا، وأولئك الذين لا يتورعون عن انتهاز أية فرصة من الفرص لزيادة ثرائهم الشخصي، أولئك أنفسهم ينظرون إلى العالم الذي حولهم نظرة تعال وتكبر. وضحاياهم الأولى التي لا يشعرون نحوها إلا بالاحتقار والتنازل هي من هذا الشعب الذي يحيط بهم. وكان "عمر" يتخيل مائدة أولئك الناس على أنها شيء رهيب فاتن كمنضدة الذبائح، وليست تذبح على هذه المنضدة حيوانات شائعة كالخرفان والحملان والأبقار فحسب، بل تذبح عليها كذلك النباتات البريئة والأشجار، وأعشاب الأرض، وحتى الإنسان نفسه، يذبح جميع البشر الذين تظل أيديهم وأرجلهم تتخبط إلى أن يشبع السفاح الذي لا وجه له، يذبح عليها جميع الناس وأقدس ما في الانسان: كرمه، وأخوته، وشرفه، وشهامته، وشوقه إلى الحياة والبناء والتفكير، يذبح عليها هذا كله، ويوضع على مائدة الشيطان طعاما يقطر منه دم.

ومع ذلك فإن بعض الناس، وهم من أشرف الناس، قد سيطرت عليهم الحالة النفسية التي كانت شائعة في ذلك الوقت. كانوا يغبطون الشيطان ويتمنون أن يكونوا مثله

الدار الكبيرة : الحريق : النول / محمد ديب  ص345- 348              

الأسئلة:

1-               هل تعتقد أن غاية "عيني" النبيلة في إطعام أطفالها الجائعين، تبرر استيلائها على مال النسوة؟ علل إجابتك.

2-               ما أخلاقيات مهنة التجارة؟ وهل تعتقد أن ثراء "عنتيل" يدل على نجاعته في التجارة؟ وهل تتماشى ممارسات التجار في منطقتك مع أخلاقيات المهنة؟ دعم إجابتك بأمثلة من الواقع.

3-               بين موقف " عمر" ووضح رأيك فيه، وممن استمد قيم الشرف والأمانة ياترى؟

4-               ما الحالة النفسية الشائعة التي يقصدها الكاتب، والتي سيطرت على بعض الناس والأشراف؟ وهل هذه الحالة شائعة في مجتمعنا الآن؟ وهل هي مخالفة لقيم مجتمعنا؟ وضح إجابتك بأمثلة من الواقع، ومظهرا أهم قيم مجتمعنا، وأصولها وأسباب شيوع هذه الحالة، وكيفية معالجتها في نظرك.

5-               وضح معنى عبارة " الغاية تبرر الوسيلة" واذكر قائلها، وهل توافقه أم تعارضه؟ دعم رأيك بالحجة في الحالتين.

6-               ما غرض الكاتب من النص؟

7-               ما التقنيات التي استعملها الكاتب في عرض موضوعه؟ وما مدى نجاحه في ذلك؟ دعم إجابتك بشواهد من النص.

8-               بين انفعالات كل من "لالا حسنة" و"عمر" مما يأتي (غضب، احتقار، تعجب، اشمئزاز...) ودعم إجابتك بشواهد من النص.

9-               ما نوع العاطفة التي تحس بها نحو كل منهما؟.

2-  فخ القمار ( تولستوي):

تمهيد للنص: كان "نيقولا روستوف" و "دولوخوف" صديقين حميمين، وحدث أن أحب "دولوخوف" "صونيا" وطلبها للزواج فرفضته لأنها كانت تحب " روستوف" فصمم على أن ينتقم من صديقه "روستوف" ويحطم حياته، فدعاه إلى حفلة ودعاه قبل أن يعود إلى الجيش، وأغراه أن يشارك في لعبة القمار للتسلية، وانطلق "روستوف" في اللعب دون أن يعرف أنه وقع في الفخ:

" بعد ساعة ونصف ساعة أصبح أكثر اللاعبين لا يلعبون إلا من باب التقيد بالشكل وانصب الاهتمام باللعب كله على "روستوف" وأصبح الدين المسجل عليه ألفا وستمائة روبل، بل عمودا من الأعداد، وكان قد جمعها فرأى أنها بلغت آلاف الروبلات، وقدر أن تكون الآن قد صارت زهاء خمسة عشر ألفا، مع أنها تجاوزت في الواقع عشرين ألفا. أصبح " دولوخوف" لا ينتبه إلى ما يقال ولا يقص حكايات. إنه يرصد كل حركة من حركات "روستوف"، ويلقي عليه نظرات خاطفة. كان قد قرر أن يستمر في اللعب إلى أن يبلغ المجموع ثلاثة وأربعين ألف روبل، لأن عدد "43" يساوي مجموع عمره وعمر" صونيا" وكان "روستوف" واضعا رأسه في يديه متكأ بكوعه على المائدة الملأى  بالتسجيلات، مبللا بالخمرة، مرتبكا بأوراق اللعب. وكان يعذبه إحساس غالب مسيطر: هو أن هاتين اليدين المعروقتين، البارزة عظامهما، الأحمر لونهما، اللتين يحبهما ويكرههما في آن واحد، يقبضان عليه قبضا، ويتحكمان فيه تحكما، فلا يستطيع أن يفلت منهما بحال من الأحوال.

"ستمائة روبل، آص، ضعف، تسعة... لم يبق سبيل إلى استرداد الخسارة!..آه...

ولكن ماذا؟ ما هذا الذي يفعله؟ لماذا يعاملني هذه المعاملة؟..

 "عجيب إنه يعرف حق المعرفة ما لهذه الخسارة من شأن خطير عندي. هل يمكن أن يرغب في دماري وخرابي؟ لقد كان صديقي، وكنت أحبه. ولكن ما هذا الذي أقوله؟ هل الذنب ذنبه إذا واتاه الحظ؟ إنني لم أرتكب أي عمل سيئ، ولم أقتل أحدا، ولا آذيت أحدا، بل ما تمنيت أن يلحق بأي إنسان من الناس ضرر. فما هذا الحظ الرهيب الذي يدمرني؟ ومتى بدأ هذا الحظ الرهيب؟ منذ بضع لحظات كنت أدنو من هذه المائدة آملا أن أربح مائة روبل أشتري بها علبة الحلي التي كنت أود أن أهديها إلى ماما في عيدها، ثم أقفل راجعا على الفور. كنت عندئذ سعيدا سعادة عظيمة، كنت حرا حرية كبيرة، كنت مبتهجا ابتهاجا كثيرا! وكنت لا أدرك سعادتي ... متى حل محل تلك السعادة هذا الوضع الرهيب الذي أجدني فيه الآن؟ ما العلاقة التي تجلى بها هذا التغيير؟ إنني لم أغادر هذا المكان، ولم أكف عن تناول أوراق اللعب، ولم أنقطع عن المقامرة بها. ولم أتوقف عن النظر إلى هاتين اليدين الحاذقتين البارزة عظامهما. فمتى تم هذا، وما هذا على وجه الدقة؟ إن صحتي حسنة، وإني قوي الجسم، ومازلت أنا أنا ، مازلت في مكاني نفسه...فلا بد أن هذا كله ليس إلا حلما سيئا".

وكان أحمر الوجه غارقا في عرقه، رغم أن جو الغرفة لم يكن حارا، وكانت هيئته تثير في نفس من يراها خوفا وشفقة في آن واحد، ولاسيما بسبب ما كان يبذله من جهود شاقة في سبيل أن يظهر هادئ النفس رابط الجأش.

ووصل الحساب إلى الرقم المشؤوم: ثلاثة وأربعين ألف روبل. وكان "روستوف" يتأهب لمضاعفة الحطة التي ربحها وهي ثلاثة ألاف روبل، فإذا بـ "دولوخوف" يرمي الورق على المائدة محدثا ضجة، ويأخذ يحصي مجموع ما على "روستوف" ولما كان يضغط الطبشورة ضغطا قويا لرسم أرقام كبيرة تسهل رؤيتها، وانكسرت الطبشورة بين أصابعه، فقال:

-       آن أوان العشاء يا سادة، وهاهم البوهيميون قد وصلوا!       

وكان عدد من رجال ونساء سمر الوجوه يدخلون الغرفة فعلا، حاملين إليها من الخارج بردا، ويمازح بعضهم بعضا بلغة أهل "بوهيميا" فأدرك نيقولا أن كل شيئ قد انتهى ولكن ذلك لم يمنعه أن يقول بلهجة المتظاهر بقلة الاكتراث، كأنما لا يحضه على هذا السؤال إلا تلذذ المقامرة لا أكثر:

-       ماذا؟ أتكف عن التوزيع؟ لكنني هيأت ورقة..

وقال محدثا نفسه: " انتهى كل شيء هلكت. لم يبق علي إلا أن أطلق رصاصة في رأسي".

الحرب والسلم (2) 119-122

الأسئلة:

1-   ماالذي حفز " روستوف" على اللعب في البداية؟ ولماذا ظن أنه سيربح؟ وماذا أعد له " دولوخوف"؟

2-   وضح التغيرات التي طرأت على "روستوف" أثناء لعبه وخسارته في مظهره ونفسيته؟

3-   ما النهاية التي تتوقعها لروستوف في الرواية: الانتحار أم مصارحة أهله بخسارته هذا المبلغ الضخم الذي سيحولهم من أغنياء إلى فقراء؟ ضع النهاية التي تفترضها في فقرة أو فقرتين، ثم طالع في الرواية تتمة الموضوع.

4-    ما وجوه التشابه بين إدمان المخدرات وإدمان القمار وإدمان الخمر؟

5-   ما غرض الكاتب من طرح هذا الموضوع؟

6-   ما التقنية التي استعملها الكاتب ليطلعنا على تفكير المقامر أثناء اللعب؟ وما ميزتها في نظرك؟

7-   حدد نوع انفعالات المقامر أثناء اللعب، واذكر درجة نجاح الكاتب في إبرازها؟

8-   ما نوع العاطفة التي تحس بها نحو كل من " روستوف" و" دولوخوف" ؟

3-الآباء أكلوا الغلة والأبناء يجترون الذكريات ( الطاهر وطار):

وفجأة اكتشف الأبناء أن خيرات الوطن استنفذها الآباء، ولم يبق لهم سوى ذكريات عن دلال تمتعوا به في صباهم.

البعض منهم أصيب بالبله، يكفيه أن يسند ظهره إلى جدار ما، ويروح يتأمل أنواع السيارات والبنات التي تمر أمامه، ينام معظم النهار، ويقوم معظم الليل. إذا وجد قرصا مخدرا غاص في جنة الخلد، وإذا لم يجده، ينهمك في لوك غيظه في عمقه.

البعض منهم أصيب بشيخوخة مبكرة، فقفز على جميع مراحل العمر، ليجد نفسه في حالة تصوفية غريبة. يعتزل الحياة وما فيها وينهمك في الاستغفار من ذنوب لم يأتها، ناكرا كل مظهر من المظاهر التي كانت لربما السبب في تشوه أبيه وأهله ومجتمعه.

البعض الآخر راح " يتمظهر" كما لو أنه اللعنة التي لحقت والديه، المظهر الخارجي والسلوك أوروبيان. يقضي ليله في الملاهي والمراقص، ويقضي ما تبقى من نهاره في السيارات المكيفة والطائرات المحلقة.

البعض الذي رزق ـ بهذه الصفة أو تلك: وساطة، رشوة، جمال خارق ـ بوظيفة أو بشغل ما، لا يمكن إقناعه أبدا بأن المطلوب منه أن يبذل الجهد مقابل ما يحصل عليه. كل الخلق يرزقه الله من حيث لا يحتسب، فلماذا أنا بالذات يطلب مني أن أبذل جهدا، لو كانوا فعلا يريدون جهدا لما وظفوني بهذه الصفة. ثم من أدخلني هنا بإمكانه أن يدافع عني ويحميني، ولقد أوصى بي خيرا ما في ذلك من شك.

القاسم المشترك بين هذا الجيل، هو الانفصام عمن سبقه، والانفصام عن الزمان والمكان، ثم اللامبالاة.

الجميع واثق من أن كل ما حدث في هذا البلد عارض زائف، وأن الطريق مع ذلك مسدود أمام تغير نافع. لكن هناك ومضات ضوء خافت، ترسله شمعة ما، في منارة ما، في دهليز ما، تجتذب أناسا آخرين، معظمهم من الشباب، نحوها، فتجعلهم أشبه ما يكونون بسمك السلمون، لا يبالون في صعودهم نحو النبع، بالموت الذي يرافقهم في كل قطرة ماء، والذي ينتظرهم حال الإخصاب.

إن رحلة  تجاه النبع الذي ولدنا الأجداد فيه، تجري، وإننا لنحاول تجاوز الآباء بذلك، على خلاف سمك السلمون الذي يفقد آباءه حال اقتحامه للحياة.

الشمعة والدهاليز ص 114

الأسئلة:

1-  أي الشرائح الاجتماعية يعنيها الكاتب في النص؟ علل إجابتك.

2-  بين عدد الفئات التي ذكرها الكاتب من هذه الشريحة، وسلوك كل فئة.

3-  ما القاسم المشترك بين هذه الفئات في نظر الكاتب؟

4-  هل توافق الكاتب في تصنيفه وعرضه لأوضاع هذه الشريحة في بداية التسعينيات، وما هي أوضاعها الآن؟ دعم رأي الكاتب أو ادحضه بأمثلة من واقعك، وواقع أقرانك من حولك.

5-  هل ترى أن الكاتب متفائل أو متشائم في نظرته إلى المستقبل؟ علل إجابتك بشاهد من النص.

6-  إلام ترمز الشمعة في النص؟

7-  ما العلاقة بين سمك السلمون والجيل الجديد؟ وماذا يعني الكاتب برحلة تجاه النبع الذي ولدنا الأجداد فيه؟

8-  ما الحلول التي تقترحها لمشاكل هذه الشريحة؟ وكيف توازن بين حقوقها وواجباتها؟

9-  ما غرض الكاتب من النص؟

10-              ما التقنية التي استعملها الكاتب في عرض موضوعه؟ وما ميزتها في نظرك؟

11-              ما العاطفة التي تحس بها من خلال النص نحو كل فئة من هذه الشريحة؟

4-  وظائف للبيع ( نجيب محفوظ):

سعى " محجوب عبد الدائم" إلى ابن بلده " سالم الإخشيدي" ليوظفه:

-لاتوجد وظائف خاليه عندنا الآن.

فلاح اليأس في وجه الشاب وتساءل:

-       أما من فائدة ترجى؟

-       لا داعي لليأس المطلق، ليس عندنا وظائف، ولكن توجد في الدولة وظائف كثيرة، ويمكن أن أدلك على سبيل الخير.

ولم يجد في قوله ما يبعث على الأمل، ولكنه لم ير بداً من أن يقول:

-       شكرا لك يا بيك، شكرا لك..

فنظر إليه الإخشيدي نظرة غامضة قوية وقال:

-       أرجو أن تكون رجلا عمليا، وأن تحسن فهم الدنيا، وأن تعلم أن كل فائدة بثمن. لست أسألك شيئا لنفسي، فما أنا إلا دليل.

-       عفوا، عفوا...أستغفر الله.

فابتسم الإخشيدي وقال- إذا أخذت بقولي فهنالك أناس قادرون، يستطيعون أن ينفعوا أمثالك.

وسكت الإخشيدي لحظات ثم استدرك- هناك مثلا عبد العزيز بك راضي.. ألم تسمع عنه؟

-       بلى...أظنه من رجال الأعمال المعروفين.

-       هو ذلك... وله كلمة نافذة في العهد الحاضر، ودائرة اختصاصه وزارة الداخلية فسأله الشاب متحيرا:- ومن لي بمعونته؟

-       الطريق ميسور، ولكن ينبغي أن تعلم أنه يأخذ ممن يعينه نصف مرتبه لمدة عامين بضمان، وهال الثمن الشاب المعدم! ونظر إلى صاحبه بخوف، ثم سأله بعد تردد.

-         أليس يوجد من هو أيسر شرطا؟

فقال الإخشيدي فورا، كأنه نادل يقرأ ثبتا:- المطربة المعروفة الآنسة دولت...فلاحت الدهشة في وجه الشاب الشاحب، فلم يباله الآخر واستدرك:- منطقة نفوذها السكك الحديدية، ووزارة الحربية، وبعض الدوائر الكبرى..

وأخذ الإخشيدي نفسا عميقا من سيجارته، واستطرد قائلا:- والأسعار كما يأتي: الدرجة الثامنة ثلاثون جنيها، والسابعة أربعون، والسادسة مائة جنيه، والدفع فورا.

وتنهد محجوب يائسا ثم تفكر قليلا وقال:- أظن شرط عبد العزيز بك راضي أرفق، فإني لا أملك مما تطلبه المطربة مليما، ولكني أستطيع أن أتنازل عن نصف مرتبي إذا صار لي مرتب، فكيف أتصل به؟

-       ليس الآن..ليس قبل شهر ونصف، وبعد عودته من أداء فريضة الحج.

الأعمال الكاملة(3) القاهرة الجديدة ص 777      

  الأسئلة:

1-   هل تعتقد أن " سالم الإخشيدي" يقوم بدور الوساطة مجانا وخدمة لمحجوب؟ علل إجابتك.

2-   هل يعتبر المبلغ الذي يأخذه " عبد العزيز راضي" أو السيدة " دولت" عملا مشروعا؟ علل إجابتك.

3-   ما موقف الدين من الرشوة؟ وما موقف القانون منها؟ دعم إجابتك بشاهد ديني وشاهد موجود في مجتمعنا الحديث؟ وفي أي البلدان ينتشر؟ دعم إجابتك بأمثلة من الواقع.

4-   ما مظهر الفساد الإداري بالإضافة إلى الرشوة؟ وما الوسائل الفعالة لمكافحته؟

5-   ما الغرض من النص؟

6-   ما التقنية التي استعملها الكاتب في عرض موضوعه؟ وما ميزتها؟

7-   ما العاطفة التي تحس بها نحو سالم الإخشيدي؟ الحزن، الكره، الشفقة، الغضب، الاحتقار.  علل إجابتك.

5- سلطان الثياب ( تشارلز ديكنز): 

إن ثمة في الحياة ترقيات تكتسب، بصرف النظر عن المكافآت المادية الإضافية التي تتيحها لأصحابها، قيمة ومقاما خاصين من السترات والصدرات المتصلة بها. إن للمارشال ثوبه العسكري، وللأسقف مئزره الحريري، وللمحامي روبه، وللشماس قبعته ذات القرنين. جرد الأسقف من مئزره، أو الشماس من قبعته ووشيه فما الذي يبقى منهما؟ رجلان. مجرد رجلين. إن المقام- بل إن القداسة نفسها أيضا- هما في بعض الأحيان مسألة سترة وصدرة أكثر مما يحسب بعض الناس."

أوليفر تويست(2) ص116

الأسئلة:

1-               هل يصبح اللص شريفا إذا لبس ثوب الشرطي، والمرتشي عادلا إذا لبس ثوب القاضي، والمنحرف واعظا إذا لبس جبة الإمام وعباءته؟ علل إجابتك.

2-               ما تأثير الثياب في الناس؟ ولماذا يحكم أكثرهم على الإنسان من خلال ثيابه؟ وهل حكمهم صحيح دائما؟ ولماذا؟

3-               ما دور الثياب في تنظيم المجتمع؟ وهل إلغاء سلطان الثياب هو الحل الأمثل في نظرك؟ علل.

4-               ما الفرق بين الرجل الذي تشرفه ثيابه، والرجل الذي شرف ثيابه التي يلبسها (ثوب المحامي أو الماريشال أو الطبيب)؟ وضح بأمثلة من الواقع.

5-               هل خدعت مرة بمظهر إنسان وحكمت عليه من ثيابه، واكتشفت أنك مخطئ؟ إن كان الجواب بالإيجاب فأذكر كيف كان ذلك.

6-               ما غرض الكاتب من النص؟

 


 

6 -الإثراء غير المشروع ( عبد الحميد بن هدوقة):

أقنع " علاوة" نفسه بأن يفتح رسائل أولاده، للسهر على مصلحتهم، وليس للإطلاع على أسرارهم: " إنه يطلع على الرسائل لا لاكتشاف أسرار بنيه، ولكن ليحول بينهم وبين ما يمكن أن يقعوا فيه من انحرافات ومهالك، من الأربع رسائل، اثنتان لا خطر فيهما: رسالة البنك الموجهة إلى عمر، ورسالة الشركة التي تصنع الآلات الطبية للتصوير.

قرر أن يقرأ رسالة البنك ليعرف بالضبط كم يتقاضى مدير مؤسسة، لأن "عمر" مدير. فتح الرسالة فإذا هي عبارة عن كشف لرصيد "عمر" بالبنك في نهاية شهر أفريل من تلك السنة. قرأ الرقم وهو لا يصدق عينيه 1500233.45 دينار! فردد بصوته ما قرأت عيناه: " له بالبنك مليون وخمسمائة ألف دينار؟ لا، محال، أنا غالط " وأعاد القراءة من جديد، فوجد المبلغ هو نفسه: " البنك لا يغلط. يملك مليونا وخمسمائة ألف دينار! الخبيث أخفى عني كل شيء عندما كلمته عن بناء الدور الثالث، قال: إن ما عنده في حسابه بالبنك لا يبلغ حتى ألف دينار. عجائب وغرائب! مع أنه ولد عاقل، يصلي! عمر، صديق العمر، يكذب علي! عجائب وغرائب! قال لا يستطيع أن يعاون في البناء إلا بالإسمنت. طبعا، الإسمنت لا يكلفه شيئا. وإن كلفه شيئا فلن يكون ذا بال. أصدقاؤه يبيعون له الإسمنت بسعر الحكومة: 14 دينار للقنطار. في عشرين طنا يدفع 2800 دينار. واشترط مع ذلك أن يأخذ الدور الثالث له ولأولاده بعد الانتهاء من البناء، بينما إخوته ليس للواحد منهم أكثر من غرفة. لا، لن أقبل له الآن.. يخفي عنا كل هذه الأموال، ويريد زيادة على ذلك الاستيلاء على ثلث البيت. في الفائت قدمته على الآخرين، لأن له أولادا. أما الآن، وقد عرفت عنه ما لم أكن أعرف فلا. لماذا يحتال علي وعلى إخوته؟ من أجل من؟ من أجل مناه؟ لن ينال الدور الثالث! ثم خطر للشيخ علاوة خاطر انقبضت له نفسه:" لكن من أين جاءته هذه الأموال؟ هو كمدير لا يتقاضى أكثر من ثلاثة آلاف دينار للشهر. فلو وفر كل مرتبه منذ الاستقلال إلى اليوم لما كان لديه هذا المبلغ!

أخذ قلما وورقة وراح يحسب:

قلنا مرتبه ثلاثة ألاف دينار، ولنفرض أنه يتقاضى هذا المبلغ منذ الاستقلال، في السنة 12× 3000= 36000 دينار، في 14 سنة يساوي 14×36000= 504000 نطرح هذا المبلغ من مليون وخمسمائة ألف دينار، يبقى تقريبا مائة مليون فرنك قديم فائضة عن توفير كل مرتبه منذ دخوله إلى الوظيف إلى اليوم! لا. ليست هذه الدراهم من مرتبه. هي من باب آخر ولا شك في ذلك. هذا أمر خطير علينا جميعا! اللهم... اللهم إلا إذا حصل عليه من بعض الصفقات التي لا يخشى وراءها أية متابعة قضائية؟ لاشك في ذلك، وإلا لما وضع دراهمه بالبنك. الله. الله! عمر. صديق العمر أخفى عني مائة وخمسين مليونا، وقال: لا يملك شيئا! من أصدق الآن؟ سميته عمر وهو معاوية!

أعاد كشف الحساب إلى الظرف، وأخذ منديلا يجفف عرقه، وبقي ينظر في لا شيء، ويفكر في لا شيء أيضا! هل يفرح لأن لأحد أولاده هذا المبلغ المالي المعتبر؟ أم يحزن، لأنه قد يكون حصل عليه من باب غير مشروع؟ لا، هذا لا يحزنه على كل حال. من ذا الذي " لا يتقلب"؟ المال لا يحزن. لكنه مع ذلك لم يكن مسرورا كل السرور، باكتشافه لهذا السر. إن ابنه الأكبر لا يثق فيه"

بان الصبح ص 36

الأسئلة:

1-  ما رأيك في سلوك الأب المتمثل في فتح رسائل أبنائه البالغين والاطلاع على أسرارهم؟ وما مبرارته؟ وهل توافقه عليها؟ علل إجابتك.

2-  متى يحق للأب أو الأم مراقبة رسائل أبنائهم؟

3-  لماذا لم يكن الأب مسرورا باكتشاف ثروة ابنه؟

4-  ما الوسائل التي تعتقد أن "عمر" كون بها ثروته؟ وهل هي شريفة في نظرك؟ وضح وعلل.

5-  هل ينطبق المثل العربي " من شابه أباه فما ظلم" على الأب وابنه؟ دعم إجابتك بشاهد من النص.

6-  ما الغرض من النص؟

7-  ما التقنية التي استعملها الكاتب في عرض موضوعه؟ وهل هي مناسبة للموضوع؟ بين ميزتها على التقنيات الأخرى.

8-  بين نوع الانفعالات التي اعترت الأب أثناء قراءته الرسالة.

9-  ما العاطفة التي تحس بها نحو " عمر" ونحو أبيه من العواطف الآتية: الإعجاب، الاحتقار، الكره؟ علل إجابتك.

7-               صراع الصياد و" القرش" ( هيمنغواي):

  اصطاد الشيخ " سنتياغو" بعد أربعة وثمانين يوما من الإخفاق في الصيد، سمكة عملاقة من نوع " سيف"، وتصارع معها في مياه المحيط قرب الساحل الكوبي، مدة ثلاثة أيام حتى استطاع أن يصرعها، ويربطها إلى قاربه، بعد أن أنهكت قواه ولكنه بدأ صراعا جديدا في الليل مع سمك " القرش" على الغنيمة التي اصطادها، وهذه إحدى جولات صراعه مع واحدة منها:

  "وحين بصر الشيخ بتلك السمكة تتقدم نحوه، أدرك أن ذلك " قرش" لا يعرف الخوف سبيلا إلى قلبه، وأنه خليق به أن يفعل كل ما يحلو له على وجه الضبط. وأعد الشيخ الحربون وأوثق الحبل، فيما هو يراقب القرش يتقدم. وكان الحبل قصيرا بعد أن أعوزه ما اقتطعه منه قبل ذلك ليشد وثاق سمكة " السيف".

واستشعر الشيخ النشاط والصحو، وكان ينضح قوة وعزما، ولكنه كان قليل الأمل في النجاح. وفكر قائلا: هذا الوضع جيد إلى درجة تجعل استمراره أمرا متعذرا. وألقى نظرة على السمكة الكبيرة فيما راح يراقب تقدم "القرش" نحو الزورق، وقال بينه وبين نفسه: كان من الممكن أن يكون هذا حلما أيضا، أنا لا أستطيع أن أحول بينه وبين الهجوم علي، ولكن لعلي أوفق إلى أن أصرعه. وفي ذات نفسه قال: أيها " القرش" لأمك الهبل! 

وانتهى "القرش" إلى مؤخر الزورق، حتى إذا هاجم سمكة " السيف" رأى الشيخ فمه المفتوح وعينيه الغريبتين. وسمع أسنانه تصطك مطبقة على اللحم الذي يجاوز الذيل مباشرة، وأخرج " القرش" رأسه من الماء، وارتفع ظهره إلى سطح البحر. وكان جلد " السيف" ولحمه قد شرعا يتمزقان في اللحظة التي طعن فيها الشيخ رأس " القرش" بحربونه، عند تلك النقطة التي تعارض فيها الخط الممتد بين العينين، بالخط المرتد من الأنف مباشرة، ولم تكن هذه في الواقع، غير خطوط وهمية. إذ لم يكن ثمة غير الرأس الأزرق الثقيل المستدق، والعينين الكبيرتين، والفكين الواخزين المفترسين كل شئ، ولكن ذلك مستقر الدماغ، فطعنه الشيخ هناك. طعنه بيديه الداميتين الزلقتين مغمدا حربونه المطواع بأقصى ما يستطيع من قوة. طعنه من غير أمل، ولكن في عزم، وفي حقد غامر.

وانقلب "القرش" على جنبه، فرأى الشيخ أن عينه كانت خلوا من الحياة، وانقلب على نفسه كرة أخرى لافا نفسه بالحبل مرتين، وأدرك الشيخ أن  " القرش" قضى نحبه، ولكنه يأبى التسليم بذلك. لقد استلقى على ظهره، صافعا بذنبه الهواء، ومطبقا أنيابه على الفراغ، وأنشأ يثير الماء مثل زورق من زوارق السباق. وأزبدت المياه حيث أصابها ذيله. وكان ثلاثة أرباع جسده فوق سطح الماء عندما توتر الحبل، وارتعش، ثم انقصف. وانطرح القرش ساكنا فوق سطح الماء فترة قصيرة، ثم غاص إلى الأعماق في أناة بالغة.

وقال الشيخ في صوت عال:

-       " لقد التهم نحوا من أربعين رطلا".

ثم فكر: ليس هذا فقط، بل أخذ حربوني أيضا والحبل بكامله. وهاهي سمكتي يسيل منها الدم كرة أخرى. ولا بد أن تقبل أقراش أخرى.

ولم يؤانس في نفسه ميلا إلى النظر إلى السمكة بعد أن بترت وشوهت. فحين نهش: القرش: لحم السمكة، أحس الشيخ وكأنه لحمه هو الذي نهش.

وبينه وبين نفسه قال: ولكني قتلت القرش الذي نهش لحم سمكتي. وكان أكبر الأقراش التي رأيتها في حياتي. والله وحده يعلم كم قرش ضخم أبصرت عيناي.

وفكر: كانت الحال أجود من أن تستمر، ليت ذلك كله كان حلما، وليتني لم أصد هذا" السيف" بل ليتني كنت في سريري فوق الصحف العتيقة، وقال:

-       " ولكن الإنسان لم يخلق للهزيمة، الإنسان قد يدمر، ولكنه لا يهزم"

وفكر: ومع ذلك فأنا آسف لقتلي هذه السمكة. وها قد أوشكت الأحوال الجوية تسوء، وليس عندي حربون. إن " القرش" وحشي وبارع، وقوي وذكي، ولكني كنت أذكى منه. ولكن من يدري؟ لعلي كنت أقوى سلاحا ليس غير.

وقال في صوت عال:

-       " لا تفكر، أيها الرجل العجوز. أبحر في هذا الاتجاه، وواجه الأشياء عند حلولها".

الشيخ والبحر ص 104

الأسئلة:

1-  ما صفات الشيخ التي ينبئنا بها الكاتب؟ وضحها بشواهد من النص وبين أهميتها في مهنة الصياد.

2-  لماذا تأسف الشيخ على قتل السمكة؟ وما الذي يكشفه لنا ذلك من صفاته؟

3-  ما هي أخطار مهنة الصياد؟ وما الصفات التي عليه أن يتصف بها لمواجهتها؟

4-  أخلاقية كل مهنة ترتكز على الاستقامة والأمانة والصدق وإتقان العمل، فهل يمكنك من خلال ذلك ذكر أهم أخلاقيات مهنة الصياد في تعامله مع الحيوان، ومع الزبائن؟

5-  هل توافق على الصيد البري والبحري كهواية ورياضة وتسلية؟ وهل تعتبر قتل الحيوانات دون حاجة للحومها مشروعا؟ علل إجابتك.

6-  ما غرض الكاتب من موضوعه؟ وما العبارة التي تدل على ذلك في النص؟

7-  بين الانفعالات التي اعترت الصياد خلال صراعه مع القرش.

8-  لماذا استعمل الكاتب تقنية " مناجاة النفس" ولم يستعمل الحوار في موضوعه؟

9-  بين عناصر الوصف الأكثر استعمالا في النص: اللون او الصوت أو الحركة؟ دعم إجابتك بشواهد من النص وبين ميزة استعمالها.

10-         ما العاطفة التي تحس بها تجاه الصياد؟

8-   من يوميات عامل مهاجر ( مولود فرعون):  مقتطف من اليوم التاسع: 28 يناير من الخمسينات.

" لم تمض أربعة أيام على وصولنا حتى دفن" سعيد" في مقبرة" بوبينبي" وشيعه إلى مقره الأخير أبناء بلاده من قرية " إيغيل نزمان" وما من شك أن سبب وفاته هو الزائدة الدودية التي أصيب بنوبة منها في اليوم الثاني. وقد نقلته سيارة أجرة إلى مستشفى بروسي. ولكنه مات بعد إجراء العملية الجراحية. وذهبت لأرى جثمانه في النعش،  ثم شاركت في تشييع جنازته. وأنا من هذه الناحية قمت بواجبي. والإخوان الذين جاؤوا إلى المقبرة الإسلامية على ذلك شهود.

وهكذا وجدتني وحدي في "باريس" مع أولاد العم والأصدقاء، وجميع أبناء "إيغيل نزمان" الكثيرين الموجودين هناك. وبطبيعة الحال ما لبثت على مر الأيام أن نسيت سعيدا، وصرت أعتبر الحزن عليه أمرا سخيفا. وذات يوم عدت إلى البلاد عارفا تمام المعرفة أنه لن يحاسبني أحد ولن يتجاسر ليقول لي:

" أين تركت أخاك؟ وماذا فعلت به؟ لولاك ما كان ليسافر إلى فرنسا منذ أربع سنوات خلت، في تلك الصبحة المشؤومة، وعند الساعة الخامسة في يوم من أيام شهر أبريل... أجب عن هذا السؤال يا عميروش: أين تركت ولدي؟...

غير أن المرأة التي كان من الممكن أن تسأل هذا السؤال توفيت قبل رجوعي. أما بناتها فقد قابلنني بابتسامة ليس فيها أثر للضغينة والحقد، بل اعترفن لي بالفضل على الاقتراح الذي أبديته بالنسبة لجثمان أخيهن. ولكن لا أعتقد أنا شخصيا أن ذلك الاقتراح قد أجدى نفعا. وكنا نحن جماعة من ممثلي أبناء البلاد- قد تقابلنا في" مقهى ومطعم الكسكسي اللذيذ" لاتخاذ قرار، فأقنعتهم بأنه لا ينبغي أن يرسل الجثمان إلى أرض الوطن، بل يجب أن يدفن في " باريس". وكنت متأكدا حينذاك أنني أجنبهم مشاكل عويصة، وأن أم سعيد لن تتحمل هذه الفاجعة الأليمة، وأن الواجب يقضي أن نخبئ عنها خبر وفاة ابنها. ولكن لم يخطر لي بالبال أن السر سيظل مكتوما، وأن البنات سيحرصن ذلك الحرص الشديد على كتمانه، وأن أم سعيد- ننه تاسعديت- ستموت  من غير أن تعرف أن ولدها قد سبقها، وأرجو يا أخي سعيد أن لاتؤاخذني على ذلك الاقتراح.

لم تنظر أمي بعين الرضا إلى تصرفات الأرملة الشابة، وأنا أيضا غير راض عنها.. ولعلنا ظلمناها ولكننا نعتقد أن وفاة زوجها سعيد، لم يؤثر فيها إلا تأثيرا بسيطا، وإلا فلماذا صار أهلها بمجرد رجوعي من فرنسا، يتوددون إلى أمي، ويتقربون مني؟ وما هو الغرض من ذلك؟

ولو شئت وطاوعت أمي، لما وجدت أية صعوبة في الزواج من أرملة المرحوم سعيد، الذي كان أعز أصدقائي وأخلصهم. ولكن هذه الصبية الحسناء، قد انتهى أمرها، فلن تتزوج مني، ولا من غيري. لن تتزوج في " إيغيل نزمان" على كل حال لأنه لا يرغب فيها أحد. والأجدر بها أن تصبر على المصيبة التي حلت بها، وأن تكون أكثر وفاء للمرحوم، فللناس آذان وألسنة وعيون، وإذا حكموا على شخص فليس حكمهم من قبيل العبث.

ثم إن هذه البنت التي توفى زوجها بعد أشهر قليلة من عقد الزواج، تعتبر في نظر الجميع منحوسة. وما من شك أنه لن يرغب فيها أحد أبدا، إنها هي أيضا تستحق الرحمة. وكيف لا وهي الصبية الصغيرة المدللة المنطلقة في تصرفاتها، الخفيفة الروح، تلك الصبية التي كتب عليها بعد اليوم أن تذبل تدريجيا وأن تذوي كالخرقة البالية، وأن تقضي بقية أيامها محرومة من بهجة الحياة، لأنه لابد، ومهما كانت الأحوال من أن تعيش، وأن تعيش حتى اللحظة الأخيرة.

الدروب الوعرة ص 240

الأسئلة :

1-    ما سبب وفاة "سعيد"؟ وهل لذلك علاقة بالغربة؟ علل إجابتك.

2-    ما الفضل الذي اعترفت به أخوات سعيد لـ" عميروش"؟

3-    لماذا خبأ " عميروش" نبأ وفاة سعيد عن أمه؟ وهل يجوز كتمان نبأ الوفاة في رأيك؟ علل إجابتك.

4-    لماذا لا يرغب " عميروش" في الزواج من أرملة صديقه سعيد؟

5-    ما المشكلة التي يطرحها" مولود فرعون" بالنسبة لأرامل العمال المهاجرين في النص؟ وما رأيك فيها؟

6-    هل نسيان " عميروش" صديقه المتوفى، واعتبار الحزن عليه أمرا سخيفا له علاقة بحياة العمال في الغربة؟ وهل الغربة تقتل العواطف؟ علل إجابتك.

7-    بين مشاكل الهجرة الأخرى التي يطرحها النص.

8-    ما الغرض من النص؟

9-    ما الأسلوب الذي استعمله الكاتب في عرض موضوعه؟ وهل هو ملائم لهذا الموضوع أكثر من الحوار؟ علل إجابتك.

10-                      ما العاطفة التي تحس بها نحو " عميروش" ونحو الأرملة؟

 

9-   ليس كل ما يلمع ذهباً فالمظاهر كثيرا ما تخدع( شكسبير):

    عملت " بورشيا" الوارثة الحسناء الثرية القاطنة في " بلمونت" بإيطاليا، بوصية والدها، فاشترطت على خطابها أن يختاروا من بين ثلاثة علب، ذهبية، وفضية، ورصاصية، العلبة التي فيها صورتها، فمن اختارها تزوجت منه على الفور، وأن يقسم قبل الاختبار ألا يذكر لأحد في حالة إخفاقه أي علبة اختار، وأن يكف عن خطبة أي فتاة أخرى، وأن يغادر قصرها على الفور. وغادر أكثر الأمراء والنبلاء القصر رافضين الشروط، وبقي منهم ثلاثة قبلوا بها هم أمير مراكش، وأمير أراغونة، وشاب من مدينة البندقية اسمه " بسانيو" أحبته بورشيا، ولكنها عرضته للاختبار كالآخرين تنفيذا لوصية والدها".

" أمير مراكش: ( مفكرا) الأولى من الذهب، وهي تحمل هذه العبارة:

" سينال من يختارني ما يرغب فيه الكثير من الناس"

والثانية من الفضة، وقد نقش عليها هذا الوعد: " سيظفر من يختارني بما هو جدير به"

وأما الثالثة وهي من الرصاص المعتم، فعليها تحذير لا يقل عن لونها قتاما: "يجب على من يختارني أن يعطي وأن يقامر بكل ما يملك"

تاجر البندقية ص 115          

وقد وقف الأمير مليا أمام العلب الثلاث، وعلق على كل واحدة منها، ونترك للقارئ أن يعود إلى المسرحية، ليرى ما قاله  عن كل علبة، ولماذا اختار الذهبية، وننتقل به إلى ما وجده فيها:

( يفتح أمير مراكش العلبة الذهبية)

" ياللجحيم! ماذا أجد هنا؟ جمجمة عظمية لميت، وفي عينيه المثقوبة رسالة مكتوبة! سأتلو ما بها. يقرأ:

" طالما استمعت للحكمة التي تقول: ليس كل ما يبرق ذهبا، وكم من رجل باع حياته ليشاهد منظري الخارجي لا أكثر. إن الديدان تسعى داخل القبور المموهة بالذهب! ولو أن عقلك كان يعادل شجاعتك، وكانت لك حكمة الشيوخ في جسم الشاب، لما كان جوابك هذه الرسالة! وداعا لقد أخفقت خطبتك"

ص 122        

ونفذ الأمير الشرط مغادرا على الفور، ووقف أمير أراغونة أمام العلب واختار الفضية، ووجد فيها صورة معتوه ورسالة تنبئ بأن من يختار هذه العلبة أبله.

وجاء دور " بسانيو" ووقف بدوره أمام هذه العلب معلقا على كل منها:

" بسانيو: قد لا تتفق مظاهر الأشياء مع حقائقها، فالبهارج تخدع الناس على الدوام. وما من دافع يثار أمام المحاكم مهما يكن باطلا إلا أخفت عوراته وعيوبه فصاحة المحامي الذي ينهض به.

وهل يوجد في الدين زيغ أو ضلال- مهما كان هذا الضلال ملعونا بغيضا- إذا قام من رجال الدين من يتظاهر بالتقى، ويؤكد سلامته بنص من الكتاب المقدس، ويخفي ذلك الزيغ البغيض بحلية أنيقة رقيقة!؟

وما من رذيلة إلا تتراءى متشحة بزي الفضائل التي تخفي مظهرها الحقيقي.

وما أكثر الجبناء الذين تطير قلوبهم شعاعا، وكأنهم درج من الرمال، بيد أن ذقونهم تزدان بلحية البطل "هرقل" أو لحية "مارس" ذي الوجه العبوس. وإذا نحن خبرناهم وجدناهم خائرين، غير أنهم يتكلفون البطولة، لكي يخدعوا الناس عن حقيقتهم فيحسبوهم بسلاء.

وانظروا إلى الجمال، فإنه يشترى وزنا، غير أن الطبيعة تحدث معجزة في هذا الصدد، فإن أكثر النساء زينة، أكثرهن نزقا وخفة عقل.

وبعد تأمل أعلن بسانيو اختياره:

" بسانيو: لذلك فإني لا أبتغي منك شيئا أيها الذهب البراق، ياطعام " ميداس" الصلب ولا منك أيتها الفضة، فما أنت سوى ذلك المعدن الشاحب المتداول بين الناس.

أما أنت، أنت أيها الرصاص الرقيق، الذي ينذر ويتهدد أكثر مما يعد، فإن سذاجتك الصامتة تثيرني أكثر مما تثير الفصاحة، وها أنا أختارك، آملا أن تكون هنائتي عقبى هذا الاختيار!".

ص 166

ويفتح " بسانيو" العلبة الرصاصية فيجد فيها صورة " بورشيا" الحسناء فيطير من الفرح، ويتغزل بالصورة غزلا رقيقا، ثم يقرأ الرسالة المصاحبة للصورة:

" ( يقرأ) " أنت يا من لا ينساق في اختياره وراء الطلاء الخارجي، ليكن حظك باهرا، واختيارك سديدا، ومادمت قد أصبت هذا الحظ العظيم، فلتكن به قنوعا، ولا تبحث عن سواه، فإذا قرت عينك بهذا، وأدركت أنك حققت به أقصى ما تصبو إليه من سعادة، فتوجه إلى غادتك واستأذنها في قبلة غرام"                 

تاجر البندقية ص 171

الأسئلة:

1-  ما الأمثلة التي أوردها " بسانيو" عن انخداع الناس بالمظاهر؟

2-  علام يدل قبول الخطاب الثلاثة بشروط "بورشيا" ...على حبهم للأميرة أو حبهم للمغامرة أو غرورهم، أو شجاعتهم أو تهورهم؟ علل إجابتك.

3-  ما الذي يكشفه لنا اختيارهم للعلب من صفاتهم؟

4-  هل تقبل أن تعرّض لاختبار من هذا النوع في سبيل من تحب؟ علل إجابتك.

5-  من هو " ميداس" المذكور في المقطع ما قبل الأخير؟ وما قصته مع الذهب؟ استعن بإحدى الموسوعات أو قواميس الأعلام لمعرفة الجواب.

6-  لماذا يعشق الناس المظاهر ويتمسكون بها ؟ أورد أمثلة من الواقع عن تمسك الناس بالمظاهر.

7-  هات مثلا شعبيا أو عربيا قديما أو أوربيا يتحدث عن اغترار الناس بالمظاهر.

8-  ما غرض " شكسبير" من النص؟

9-  بين الأساليب التي استخدمها في عرض موضوعه من خلال المقاطع الخمسة المختارة من النص.

10-              ما الانفعال الذي اعترى أمير مراكش عند فتح العلبة؟ وما الانفعال الذي اعترى بسانيو؟

10-          أثرياء الحرب " ليلى بعلبكي":

" واشتعلت الأرض بنيران الحرب العالمية الثانية، فإذا الحياة تتبدل وتنطلق بسرعة جنونية، وإذا نحن أثرياء: نحن أغنياء حرب.

هل هو الحظ، أو الصداقة، أو تدبير من الله..أو...أو...يقظة والداي، هي التي رفعتنا إلى مرتبة وجهاء المدينة؟ إنهم يطلقون على أسرتنا تعبير " من كرام وجوه البلد". بضعة أكياس خيش من القمح كان يطرحها والدي في الزاوية قبل الحرب، منحتنا أسهما عديدة في أكثر الشركات، وأبدلت البيت القديم بشارع تربض على جانبيه بنايات فخمة، وهي ملك لنا.

كان كيلو الطحين بقروش قليلة، قبل الحرب.

وإذا كيلو الطحين الصافي بأكثر من ليرة بعد الحرب، فإذا نحن بومضة عين، كما يحدث في الأساطير، أثرياء.

بكل وقاحة يتباهى والدي بجهاده في جمع الثروة، وبصداقته للفرنسيين في عهد الانتداب، كأن هذه النعمة التي يضيع فيها، ليس من حرمان ألوف الأسر التي أطعمها الفرنسيون طحين الترمس والشعير والذرة البيضاء على شكل إعاشات.

" أنا أحيا" ص 33

الأسئلة :

1-  ما سبب إثراء أسرة الراوية في نظرك؟

2-  لماذا وصفت الراوية تباهي والدها بجهاده في جمع الثروة بالوقاحة؟ وما الذي تسببت فيه هذه الثروة للآخرين؟

3-  هل احتكار التجار للبضائع وتخزينهم لها أثناء الأزمات والمواسم لبيعها بأسعار غالية موجود في بلادنا؟ هات أمثلة واقعية عن ذلك.

4-  كيف يمكن مكافحة الاحتكار بالقوانين الصارمة أم بالتوجيه الخلقي؟ علل إجابتك.

5-   ما رأيك في انتقاد الراوية لأسرتها؟ وهل يقف الإنسان مع الحق وإن كان ضد أسرته؟ علل إجابتك.

6-  ما غرض الكاتبة اللبنانية من النص؟

7-  بماذا تتميز لغة الكاتبة؟ وما التقنية التي استعملتها في عرض الموضوع؟

11- الاستفزازات اليومية "ماكسيم غوركي":

قالت الأم للبيلوروسي أندريه:

" – كأن أحدا لم يذقك الهوان أبدا.

فنهض وقال يهز رأسه باسما:

- أهناك فوق سطح الأرض امرؤ لم يذل؟ لقد أذقت الهوان حتى لم يعد الهوان يثير حنقي. إذ ما العمل إذا كان الناس لا يستطيعون التصرف إلا بهذه الطريقة؟ إن الاستفزازات تعرقل سير العمل، والتوقف عندها يعني إضاعة الوقت. هذه هي الحياة. لقد كنت قبلا أنقم على الناس، ولكني فكرت فيما بعد، فوجدت ألا داعي لذلك، فكل امرئ يخشى أن يتلقى الضربة من جاره، وهو من أجل ذلك يتأهب ليسبقه إليها. هكذا هي الحياة أيتها الأم الصغيرة."

الأم ص 55 

 

الأسئلة:

1- ماذا يعني الكاتب بالاستفزازات اليومية؟ وعن أي مجتمع؟ وفي أي زمن يتحدث الكاتب؟

2- هل هذه الظاهرة موجودة في مجتمعنا؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، وضح ذلك بأمثلة من الواقع اليومي.

3- ما أسباب السلوك العدواني في نظر الكاتب؟ وهل هذه الأسباب تنطبق على كل المجتمعات؟

4- هل للمشاكل الاجتماعية دخل في انتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا؟ دعم إجابتك بأمثلة.

5- ما الصفات السيئة التي تساهم في تفاقمها؟

6- هل تعتقد أن الكاتب محق في صبره على الاستفزازات؟ وماذا تفعل لو كنت في موقفه؟

7- كيف يمكن أن ننشر الصبر والحلم والتسامح بين الناس وهي الصفات التي أوصانا بها ديننا الحنيف؟ وإلى أي حد تساهم هذه الصفات في الحد من سلوك الناس الاستفزازي والعدواني؟

8- ما غرض الكاتب من النص؟

9- ما الأسلوب الذي استعمله الكاتب في عرض موضوعه؟

 

تمرين ب: إقرأ بإمعان نموذج " بناء الموضوع" في الفصل الأول، ثم ابن موضوعا اجتماعيا اخترته من بيئتك، مستعينا بالوصفة الآتية:

1-                    أحسن اختيار موضوعك باتباع ما يلي:

أ‌-                      اطرح مشاكل مجتمعك الحقيقية، لا مشاكل مجتمع آخر، فالمواضيع مرتبطة بالزمان والمكان والمجتمعات، فلا يطرح موضوع تعليم المرأة في السويد الآن، ولاموضوع الفصل العنصري في مجتمعنا.

ب‌-                 اختر موضوعا تعرفه، ولا تعالج موضوعا تجهله، وإن اخترته، اجمع المعلومات قبل أن تكتب فيه.

ج- حدد غرضك من طرح الموضوع قبل وضع عناصره.

د- ضع عناصره قبل الكتابة في مخطط مفصل واضح، واعلم أن المخطط ليس قيدا لأنك تستطيع تعديله وتغييره أثناء الكتابة إذا اقتضى الأمر.

ه- كن موضوعيا فيما تطرحه، وإياك والتمييز العنصري، والطائفي أو الحزبي أو الجهوي أو الجنسي، فالحق أحق بأن يتبع.

2- أحسن اختيار الشخصيات المعبرة بصدق عن الموضوع، وانسج العلاقات بينها من خلال عناصر المخطط، فاختيار الشخصيات المناسبة يسهم في نجاح الموضوع.

3- حدد النقطة التي تبدأ منها موضوعك، وارو ما حدث في الماضي على لسان إحدى الشخصيات، بواسطة" الحوار" أو " استعادة الذكريات" أو " مناجاة النفس".

4- حدد الزمان وعين الأمكنة الملائمة لموضوعك.

5- اجعل أسلوبك حيويا وجذابا بمراعاة ما يأتي:

أ- استعمال لغة عربية عصرية تتميز بالبساطة أو السهولة، وبالمفردات المستعملة المأنوسة، وبالتراكيب الواضحة والجمل القصيرة، وتجنب التعقيد.

ب- الابتعاد عن آلية السرد المباشر الجافة والمزعجة كلما أمكن بالحوار وبتقنيات عرض الموضوع الأخرى الملائمة للموضوع والمواقف، مثل " مناجاة النفس" و" استعادة الذكريات" و" الرسائل" و" اليوميات".

ج- الاهتمام بصدق وواقعية الحوار فلكل مقام مقال، ولغة المتعلم تختلف عن لغة الجاهل، ولغة الطفل تختلف عن لغة البالغ، ولغة المدعي المغرور تختلف عن لغة المتواضع، ولغة العامل تختلف عن لغة الفلاح وهكذا، فاللغة بنت البيئة، ويجب أن تعبر عنها بصدق.

د- تجنب الاستطراد والخطابة والحشو في "الحوار" وحصره في مهمته الأساسية المتمثلة في تطوير الأحداث في المسرحية والرواية، والانتقال من عنصر إلى عنصر آخر، والكشف عن أفكار الشخصيات وطبائعها وعواطفها ذات الصلة بالموضوع.

ه- استعمال عناصر الوصف الخارجي في وصف الأشخاص والأماكن وصفا حسيا بصدق وواقعية، وهي الأشكال والألوان والأضواء والظلال والأصوات والروائح والطعوم والحركة.

و- وصف انفعالات الشخصيات من حزن وغضب وخوف ودهشة وحب وكره واحتقار وشفقة لإقناع القارئ بها، وإيصال رسالتك إليه بصورة غير مباشرة.

6- حدد العواطف والانفعالات التي تريد أن تحركها لدى القارئ، ليشعر بها ويتعاطف مع بعض الشخصيات أو ينفر من بعضها، وبتحديدك لمواقف بعض الشخصيات الثابتة أو المتغيرة، توجه مشاعرنا نحوها بالحب أو الكره أو الشفقة أو الغضب وغيرها.

7- أغمض عينيك- بعد كتابة الموضوع- وتخيل الشخصيات التي رسمتها، فإن وجدت بأنها شخصيات حسية حقيقية من لحم ودم، تمشي وتتحرك، فقد نجحت في خلق الشخصيات.

8- افتح عينيك واقرأ الحوار الذي كتبته بصوت مرتفع، منفعلا بلهجة كل شخصية، فإن وجدت أن أذنك ارتاحت لهذا الحوار، فأنت في الطريق السليم.

ملاحظة هامة: يمكن اشتراك مجموعة من التلاميذ في وضع عناصر موضوع مشترك ومخطط واحد، ثم يبني كل منهم موضوعه وحده. وليس من الضروري أن يكتب التلميذ الموضوع كاملا، بل يضع عناصره ويختار الشخصيات والأماكن الملائمة، ثم يقدم ثلاثة مشاهد روائية أو مسرحية في بداية الموضوع، ومنتصفه وخاتمته، يمزج فيها بين السرد والحوار، وتقنيات العرض الأخرى المناسبة للموضوع.

لقراءة الجزء السابق انقر هنا: بناء المواضيع الاجتماعية- نموذج: السكير(دوستويفسكي)

 لقراءة الخاتمة انقر هنا: الخاتمة

للاطلاع على فصول الكتاب، انقر هنا: المواضيع الاجتماعيّة